الآثار الغارقة في الاسكندرية
يرتبط علم الآثار بغريزة حب الاستطلاع
عند الإنسان ونزعته نحو معرفة المجهول ـ ولذا فلم يكن غريبا أن نرى اهتمام القدامى
من مصريين وبابليين بالبحث عن كل ما هو قديم وله صلة بتاريخهم .
وكما بدأ علم الآثار
في الازدهار ومع مطلع القرن العشرين . فقد زاد الاهتمام في السنوات الأخيرة بالبحث
عن الآثار الغارقة تحت سطح البحر وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية نظرا لغرق
العديد من السفن الحربية والتجارية بما عليها من أسلحة أو كنوز وقد تكون هذه
الآثار محملة على سفن قديمة غرقت لأسباب مختلفة أو أغرقت بفعل فاعل وقد تكون هذه
الآثار مختفية تحت الماء بسبب زلازل أو براكين أو انزلاق للساحل أو ما شابه ذلك
منه . وتعتبر عملية انتشال الآثار الغارقة عملية معقدة إلى حد ما لا يمكن فيها
إتباع نفس الطرق المستخدمة في البحث عن الآثار المختفية تحت سطح الأرض فهي تتطلب
أدوات خاصة واستعداد بدني خاص لدى المنقب الأثري ـ وقد تلعب الصدفة دورا في العثور
على الآثار الغارقة تحت سطح الماء بواسطة الصيادين أو الغطاسين وقد يمكن تحديد
موقعها بفضل كتابات الجغرافيين والكتاب القدامى أو عن طريق دراسة الخرائط الملاحية
التي تحدد المواقع الخطرة على الملاحة البحرية والتي عادة ما تكون سفنا أو مبان
غارقة .
كما تستعمل بعض
الأجهزة الحديثة في تحديد المواقع الأثرية تحت الماء مثل فاحص الأعماق بواسطة
الصدى وجهاز قياس المدى وكاشف المعادن وجهاز قياس المدى المطور وجهاز رصد وتحديد
المواقع المتصل بالأقمار الصناعية أو بالأطباق الغائصة التي اخترعها إيف كوستو
والتي تحمل شخصين وتسمح بالحركة حتى عمق 300 متر ومزودة بأضواء كاشفة ونوافذ
للرؤية وأذرع يتم التحكم فيها من داخل المركبة . وعند تحديد الموقع الأثري يتم
إنزال الغطاسين مزودين ببدل الغطس المطاطية ومصدر قوي للإضاءة وأجهزة خاصة للتصوير
الفوتوغرافي والتليفزيوني ومضخات ماصة أو كابسة للتعامل مع الموقع الأثري ـ ثم
تبدأ بعد ذلك عملية انتشال اللقى الأثرية عن طريق رفعها إلى سطح السفينة أو الموقع
الثابت بمضخات أو حبال أو بالونات هوائية .
ولمدينة الإسكندرية
طبيعة متذبذبة خاصة فهي تختلف عن العديد من المدن ذات الطبيعة الثابتة أو المستقرة
المضطردة سواء إزدهارا أو تدهورا فقد اعترت المدينة منذ إنشائها الكثير من
التغيرات والتقلبات السياسية والعسكرية بالإضافة إلى التغيرات التي سببتها العوامل
الطبيعية والبشرية ومنها على سبيل المثال حرب الإسكندرية في 48 ق.م ، ثم استيلاء
أوكتافيوس عليها في 30 ق.م . ثم غزو التدمريين لها في 273م ، يلي ذلك حصار
دقلديانوس للمدينة لمدة ثمانية أشهر ثم الاستيلاء عليها في 297م . ثم استيلاء
الفرس عليها في 615م ، يلي ذلك دخول عمرو بن العاص الإسكندرية سلما في 641م ثم
حربا للمرة الثانية في 645م ، وفي 1167 أثناء الحروب الصليبية اقتحم الافرنج
الإسكندرية واستولوا عليها ، لكن السلطان صلاح الدين الأيوبي طردهم منها في العام
التالي ، وفي 1202 استولى البنادقة على المدينة ، وفي 1250 استولى عليها ملك قبرص
، وفي 1267 غزاها الفرنجة من جديد ، وفي 1517 استولى عليها السلطان سليم الأول
لتبدأ فترة طويلة من الاضمحلال عانت منه المدينة حتى ظهور محمد علي باشا الذي حاول
أن يعيد للمدينة بعضا من ازدهارها القديم
هذا من حيث التقلبات
السياسية والعسكرية ، أما من حيث التغيرات الناجمة عن كوارث طبيعية كالزلازل
والفياضانات وحتى التغيرات الناجمة عن تدخل عامل بشري فقبل الحديث عنها يجب أن
نأخذ في الاعتبار أن المنطقة كانت معرضة دائما لانزلاقات التربة على الخط الذي
أقيمت عليه الإسكندرية ، ويحدثنا سترابون بأنه شاهد بنفسه الأثر الذي تحدثه موجات
المد الهائل الذي ربما نتج عن حركات أرضية ( زلازل ) وذلك على ساحل بيلوزيون .
وقد تعرضت الإسكندرية
لعدة كوارث طبيعية منها طغيان البحر عليها في 365م والذي فسره زوسيموس بأنه غضب من
الله بسبب ما قام به الامبراطور جوليان أبو ستيس من ردة وعودة إلى الوثنية ، ويشير
اميانوس ماركللينوس إلى نفس الحدث ويضيف عليه أن الموج الهائل قبل أن يضرب انسحب
البحر بعيدا فظهرت بقايا الإسكندرية القديمة . وتؤكد مقولة اميانوس ماركللينوس هذه
الفكرة القائلة بغرق جزء من الخط الساحلي للإسكندرية بما عليه من مبان تحت مياه
البحر الأبيض المتوسط .
ويضيف اميانوس
ماركللينوس ( الذي كتب في القرن الرابع ) أن المنطقة الساحلية التي كانت تشكل قلب
المدينة بما تحويه من قصور ومبان هامة أخرى قد تم هجرها أثناء فترة حكم الإمبراطور
أوريليانوس ( حوالي 273م ) . ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى احتلال زنوبيا
للمدينة ثم استعادة أوريليانوس لها مع ما صاحب ذلك من تدمير للعديد من أجزاء
الإسكندرية ، وبعد ذلك بقرن تقريبا يصف ابيفانيوس المنطقة بأنها صحراء .
وطبقا للمقريزي ـ هذه
المرة ـ فقد تعرضت المنطقة لزلزالين مدمرين ، الأول في 956م والثاني في 1303م .
يضاف إلى ذلك عامل
بشري تمثل في إلقاء والي الإسكندرية المسمى قراجا لعدد كبير من الأعمدة المحيطة
بعامود السواري في الميناء الشرقية وذلك في 1167م مما جعلها غير صالحة للملاحة ،
ثم وفي العصر الحديث بدءا من منتصف القرن التاسع عشر بدأت حركة العمران على الخط
الساحلي للإسكندرية في الازدياد مع بناء كورنيش جديد يمتد من رأس التين إلى
السلسلة أكتمل في 1906 ، ويلاحظ أن علماء الحملة الفرنسية قد سجلوا العديد من
المباني والبقايا الأثرية على ساحل الإسكندرية ، إلا أن هذه البقايا تم تدميرها
بقصد أو بدون لاستكمال المنشئات الحديثة فيما بعد .
وتعتبر الإسكندرية من
المدن القليلة التي حظيت باهتمام المؤرخين والجغرافيين والرحالة وعلماء الآثار منذ
إنشائها وحتى الآن . وإذا كان لدينا
العديد من المصادر التاريخية والأثرية القديمة التي تعاملت مع الإسكندرية ـ فلدينا
أيضا في العصر الحديث الكثير من الأبحاث والدراسات حول الإسكندرية وربما كان أقدم
هذه الدراسات الحديثة بحثين لجراتيان لوبير وسنت جيني تضمنهما كتاب وصف مصر عن
آثار الإسكندرية ـ وتلي ذلك أول دراسة شبه عملية يقوم بها مصري في الإسكندرية في
أواخر القرن التاسع عشر وهو محمود بك الفلكي المهندس الخاص للخديو إسماعيل ثم دراسات
عديدة قام بها بوتي أول مدير للمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية ثم دراسة
الكونت زغيب عن الإسكندرية القديمة تليها دراسة جاستون جونديه عن المواني الغارقة
في الإسكندرية ـ وتصل في النهاية إلى أحدث الدراسات لأندريه برنارد عن الإسكندرية
في عصر البطالمة إلى آخر دراسة ظهرت عام 1997 عن الإسكندرية في العصور المتأخرة .
وقد تؤيد الاكتشافات الأثرية الحديثة لفرانك جوديو وجان إبف أمبرور في مجال الآثار
الغارقة وجهة نظر الأثريين فقد تم انتشال تمثال ضخم غارق للإله أوزوريس مما يبعث
الأمل في العثور على تمثال الإلهة إيزيس .
وعن أحدث الاكتشافات
الأثرية بالميناء الشرقي للإسكندرية :
ربما كان جراتيان
لوبير ـ أحد علماء الحملة الفرنسية على مصر ـ أول من نبه إلى وجود بعض الآثار
الغارقة في ميناء الإسكندرية الشرقي في العصر الحديث ، وذلك عندما حاول تحديد مكان
جزيرة الماس الغارقة بما عليها من آثار شمال قلعة قايتباي ، وفي أوائل القرن
العشرين يسجل جاستون جونديه اكتشافه للميناء الفرعوني الغارق غرب جزيرة فاروس (
رأس التين ) وامتداده حتى جزيرة أبو بكار الغارقة الآن قرب الورديان ، وفي عام
1960 يحاول الغطاس المصري الشهير كامل أبو السعادات إجراء مسح لقاع الميناء الشرقي
لتحديد أماكن الآثار الغارقة كان من نتائجه انتشال تمثال ضخم لإحدى ملكات البطالمة
في هيئة الإلهة إيزيس . وفي 1968 تهتم منظمة اليونسكو بالمنطقة فترسل الأثرية
البريطانية هونور فروست لإجراء بعض الاكتشافات إلا أن مهمتها تفشل بسبب طبيعة
المنطقة العسكرية بعد حرب 1967 . وفي عام 1994 أسس جان ايف امبرور مركز الدراسات
السكندرية تحت إشراف المعهد الفرنسي للآثار الشرقية IFAO وبتمويل من مؤسسة Gedeon وأمكنه انتشال بعض القطع
الأثرية الغارقة .
ولعل أول محاولة
علمية مثمرة لتحديد الجزء الساحلي المغمور من الإسكندرية وتوقيع العديد من المواقع
الأثرية المغمورة تحت مياه الميناء الشرقي على خرائط دقيقة كانت بعثة فرانك جوديو
الأثرية ( 96 – 97 ) . وقد ضمت هده البعثة 16 أثريا قاموا بإجراء 3500 غطسة في
منطقة مساحتها 1 x 1
كم بدءا من قلعة قايتباي باتجاه الشرق في داخل الميناء الشرقي واستطاعت البعثة
تحديد موقع ما يزيد عن 1600 قطعة أثرية ما بين تماثيل ضخمة وعناصر معمارية من
أعمدة وتيجان وقواعد وكتل حجرية وبقايا رصف أو أماكن مرصوفة وفخار . وقد أعلن
جوديو عن اكتشافه في مؤتمر صحفي بالإسكندرية في 3 نوفمبر 1996 ، ونشر اكتشافه على
شبكة الإنترنت العالمية ، ولعل أهم ما أنجزه جوديو هو الخريطة التي أعاد فيها رسم
خط الساحل الغارق الآن بالإضافة إلى أماكن المنشئات الغارقة والتي تقوم على هذا
الخط الساحلي .
ويكاد وصف جوديو
لاكتشافه يتطابق مع وصف سترابون للمنطقة منذ ما يزيد من ألفي عام ، فهناك صخور بعد
دخول الميناء (بوغاز الميناء الشرقي) يتلوها رصيف السلسلة بما عليه من قصور
وميناءه الملكي ، ثم يأتي المسرح عند نهاية رصيف السلسلة يليه الساحل في اتجاه
محطة الرمل وصولا إلى لسان صخري وجد عليه أرضية مرصوفة بكتل من الحجر الجيري
ملتصقة ببعضها بمونة رمادية اللون تعلوها أجزاء من أعمدة دورية ـ غالبا ـ تمثل
بقايا التيمونيوم ، وعند انحناءة اللسان بالقرب من الساحل توجد أرضية أخرى تماثل
الأرضية السابقة عليها بقايا أعمدة ـ غالبا ـ هي بقايا معبد بوسيدون ، ثم يمتد
الساحل باتجاه محطة الرمل حيث وجد جوديو أرضية أخرى مبلطة كالسابق عليها بقايا
أعمدة كورنثية تمثل ـ غالبا ـ بقايا الامبريون ، وأمام الامبريون في داخل الميناء
تقع جزيرة انتي رودس والتي وجد جوديو عليها أرضية أخرى مبلطة بالحجر الجيري ملتصقة
ببعضها بمونة رمادية فوقها أجزاء من أعمدة كورنثية من الجرانيت الوردي وجزء من
مسلة عليها نقش هيروغليفي تمثل ـ غالبا ـ القصر الذي أشار إليه سترابون .
ومن المرجح أن بقايا
هذه المباني التي عثر عليها جوديو تعود إلى العصر البطلمي حيث أن المونة المستعملة
في تبليط الأرضيات ـ وهي ذات لون رمادي ـ كانت هي المونة المستعملة خلال العصر
الهللينستي وحتى بداية العصر الروماني الذي تميز باستعمال المونة الحمراء بسبب
إضافة مسحوق شقف الفخار لها كما نعرف من كتاب فتروفيوس الشهير " عن العمارة
" .
نتائج الدراسة :
حظيت الإسكندرية
باهتمام العديد من المصادر التاريخية القديمة مثل ديودورس الصقلي وبسيودوكليسثينيس
وأريانوس ويوليوس قيصر واخيليس تاتيوس وفاليريوس ماكسيموس وأميانوس ماركللينوس
وديون كاسيوس وكسينو كراتيس وبلوتارخوس وفيتروفيوس وبلينيوس ويوليبيوس واثينايوس
وسنيكا ، وعلى رأس هذه المصادر يأتي سترابون حيث أنه قد أفرد جزءا كبيرا من كتابه السابع
عشر فلإسكندرية ومعالمها . هذا بالطبع بالإضافة إلى الدراسات الحديثة التي بدأت
بعلماء الحملة الفرنسية واستمرت زهاء القرنين حتى آخر دراسة صدرت منذ عدة أشهر
للمؤرخ وعالم الآثار الفرنسي اندريه برنارد .
تعرضت الإسكندرية
للعديد من الكوارث البشرية التي أثرت بلا شك على مناطق عديدة وبخاصة منطقة الحزام
الساحلي للمدينة مثل حرب 48 ق.م . وغزو التدمريين لها في 273م ، ثم حصار دقلديانوس
لها في 297م وغير ذلك ويضاف إلى ذلك العديد من الكوارث الطبيعية مثل طغيان البحر
على ساحل المدينة في 365م والذي أغرق جزءا من الشريط الساحلي بما عليه من مباني ،
ثم زلزال عام 956م ويليه زلزال 1303م واللذان أديا إلى انهيار العديد من معالم
المدينة الشهيرة وبخاصة فنار فاروس .
يعتبر وصف سترابون
لمعالم الإسكندرية من أدق الأوصاف التي وصلتنا عن المدينة البطلمية التي لم تكن قد
تعرضت وقت زيارة سترابون لأي من الكوارث البشرية أو الطبيعية ( باستثناء حرب 48
ق.م ) وبالتالي فهو يعطينا صورة حية لما كانت عليه المدينة من ازدهار خلال فترة
حكم البطالمة لها .
بسبب منطلق هذه
الدراسة وهو التعامل مع المصادر التي تعرضت لمعالم الإسكندرية الواقعة على الساحل
والتي غرقت بفعل العوامل الطبيعية والبشرية لذا فقد تم التركيز على وصف سترابون
للمباني والمعالم الواقعة على الحزام الساحلي مبتدءا برأس لوخياس ومنطقة القصور
والميناء الملكي متجها إلى الغرب مرورا بجزيرة انتي رودس بقصرها وميناءها الصغير
ثم المسرح فاليوسيديون والتيمونيوم ثم السيزاريون ومنطقة الامبوريون ثم
الأرسينويون فالمستودعات والمخازن وأحواض بناء السفن ، وبهذا يصل سترابون إلى
الميناء الغربي فيصف الكيبوتوس ثم يعود إلى الشرق ليصف ضاحية نيكوبوليس ، وقبل كل
ذلك كان سترابون قد تعرض بالوصف للفنار والهيبتاستاديون .
أثبتت الأبحاث
الأثرية الحديثة في مجال الآثار الغارقة وبخاصة بعثة فرانك جوديو صحة وصف سترابون
ودقته إذ أمكن تحديد بقايا الجزء الغارق من رأس لوخياس وبقايا القصر والميناء
الملكي ، كما أمكن تحديد ـ غالبا ـ بقايا التيمونيوم والبوسيديون والقصر المقام
على جزيرة انتي رودس الغارقة والامبريون ، ومن الملفت للنظر أن هذه البقايا تقع
غالبا ـ تقريبا ـ في نفس المواقع التي قال بها سترابون .
انطلاقا من هذا قد
يمكن البحث عن بقايا بعض المعالم الأخرى التي وصفها سترابون ولم تعثر عليها بعثة
جوديو ـ حتى الآن ـ وربما أمكن العثور على بقايا من فنار فاروس إلى الشمال والشرق
والغرب من قلعة قايتباي . كما قد يمكن البحث مستقبلا عن بقايا ضاحية نيكوبوليس
التي وإن لم يتأكد لدينا غرق أي جزء منها إلا أنه من الممكن أن تكون بعض بقاياها
مغمورة في المنطقة ما بين مصطفى باشا إلى جليمونوبولو ، وقد يمكن أن ينسحب ذلك
أيضا على ضاحية كانوبوس على ساحل أبو قير حاليا وهي المنطقة التي تخرج منها بين
الحين والآخر بعض البقايا الأثرية وإن كان بشكل غير رسمي .
وتقع الآثار الغارقة
أمام الساحل بين الإسكندرية وأبو قير على أعماق تتراوح بين 5 و8 متر تحت سطح البحر
وهي أعماق أكبر بكثير من أن تتسبب فقط إلى الارتفاع الكوني لسطح البحر نتيجة
ارتفاع درجة الحرارة ( والذي يصل إلى 1.5 سم كل 100 عام ) بل إلى هبوط القشرة
الأرضية أمام الدلتا .
لذلك تلعب دراسات
الآثار الغارقة دورا هاما في الفصل بين الأسباب المختلفة للتغير في سطح البحر في
موقع معين وتحديد الأهمية النسبية للعاملين الرئيسين وهما التغير في الأحوال
الجوية والأحداث الجيولوجية التي تؤدي إلى انخفاض أو ارتفاع القشرة الأرضية بفعل
العوامل التكوينية والبركانية وهبوط القشرة الأرضية نتيجة تراكم الطمي على سواحل
القارات والدلتا والأنهار .
ويهتم العلماء بدراسة
التغير في سطح البحر على طول ساحل البحر المتوسط بالمقارنة بين قراءات مقاييس المد
والجزر في عدد من المواني ولكن هذه المحيطات حديث العهد ( بين 10 ، 100 عام )
ومحدودة العدد ( 32 فقط ) وبالرغم من أن هذه البيانات أكثر دقة ، إلا أنها لا تغني
عن الدراسات المبنية على المقارنة بين المواقع الأثرية البحرية مثل السفن الغارقة
والآثار المغمورة وبقايا المواني القديمة والتي يزيد عددها على الألف وتغطي
أعمارها فترة 2000 عام أو أكثر .
ويوجد حاليا سجلا
ومواقع 1035 موقعا أثريا في البحر المتوسط أمكن تقدير عمر الموقع ومستوى سطح البحر
في 335 محطة أثرية منها ، أما باقي المواقع فهي ثروة علمية قيمة لم تنشر أو لم تتم
بعد .
وبين هذه المحطات
الأثرية يوجد أربعة على الساحل المصري لم ينشر عنها أرقام علمية محققة . وهذا يشير
إلى قلة ما هو معروف عن الساحل المصري من حيث المعلومات الأثرية .
وقد أعد التقرير التالي كلا من:
إبراهيم عطية درويش - محمد مصطفي عبد المجيد – إبراهيم أحمد متولي
على
الرغم من وجود المجلس الأعلى للآثار ( S.C.A ) فى مصر منذ القرن الماضى فإن الإدارة
العامة للآثار الغارقة ( D.U.A ) التابعة له لم تنشأ إلا في عام 1996 ويرجع سبب إنشاء هذه الإدارة بشكل مباشر إلى
الحفائر التى أجريت عند سفح قلعة قايتباى عام 1995، وإلى الاكتشافات التى تمت لجزء
من الحى الملكى لمدينة الإسكندرية القديمة فى الميناء الشرقى فى عام 1996 . ويعتبر
البعض ذلك التاريخ هو بداية علم الآثار
الغارقة فى مصر ، بينما يرى آخرون أن عام 1962 ذو أهميه خاصة فى هذا الشأن حين
انتشل من البحر تمثال ضخم من الجرانيت لإيزيس فاريا .
وربما وجب علينا – لمزيد من
الإنصاف - أن نعود في تأريخ مجال
الآثار الغارقة في مصر إلى عام 1910 والعمل الذى قام به المهندس الفرنسى Gaston
Jondet أثناء
توسيع ميناء الإسكندرية الغربي إذ لاحظ وجود ما قد يكون إنشاءات ميناء قديم،
تقع في البحر المفتوح إلى الشمال وإلى
الغرب من رأس التين ، حيث شيد القدماء حواجز أمواج قوية مكتملة إلى حد كبير على
بعد حوالى 400 متر إلى الشمال من الساحل الحالى ويتراوح السمك عند السطح ما بين 12
إلى 15 متر ، وهذا السمك يعينها على مقاومة اعتي العواصف في المنطقة . ويصل طول
الأفرع الرئيسية الثلاثة إلى حوالي 2كيلو متر ، مما يتيح لنا القول بأن هذا
الميناء كان يمتد باتجاه الغرب إلى صخرة أبوبكر .
كما اكتشف Jondet
أيضا بقايا حاجز الأمواج الذي يغلق خليج الأنفوشى فيما عدا فتحة توجد فى أعمق جزء
من قاع البحر .
وفى عام 1933 لعبت الصدفة ـ مرة أخرى
ـ دورا في أحد الاكتشافات الأثرية ، ففي
أبي قير ، و على مبعدة حوالي 30 كيلومتر من قايتباى شرق الإسكندرية ، لاحظ طيار من
السلاح البريطانى أطلالا غارقة على شكل
حدوة الحصان تحت الماء أثناء تحليقه فوق الخليج . فتحمس الأمير عمر طوسون لهذا
الكشف واستعان بأحد غواصي المياه العميقة ، وانطلق يوم 5 مايو 1933 إلى المنطقة
المشار إليها حيث أخرج الغواص فى نفس هذا اليوم رأسا من الرخام للإسكندر وجدت على
عمق 5متر وعلى بعد 450 متر من الأرض إلى الشرق من
طابية الرمل " قلعة الرمل".
وفى خلال الصيف من نفس العام قام الأمير عمر
طوسون ومساعده بعدد من الاستكشافات، أدت إلى الكشف عن بقايا أخرى :
1-
معبد يبعد 240 متر من الساحل أمام رأس رصيف ميناء أبى قير، حيث يوجد اثنتا عشرة أسطونا.
2-
إلى الجنوب من هذا الرصيف كان يوجد رصيف آخر مواز له جيد البناء .
3-
في داخل الخليج نفسه يوجد سبعة أرصفة مبنية تتراوح أطوالها ما بين 100 إلى 250 متر
وعرضها ما بين 4 إلى 6 متر ، ويصل ارتفاعها إلى حوالى 1 متر وقد بنى أحدها بالطوب
بينما شيد الباقى بالحجارة .
4-
فى المكان الذى وجدت به رأس الإسكندر ، يوجد كذلك أساطين وقواعد أساطين من
الجرانيت والرخام .
ورأى عمر طوسون أن الموقع الذي عثر فيه
على رأس الإسكندر يمثل معبد ، وأن الموقع الذي يقع إلى الشرق منه –
ومعظمه أساسات مباني – يمثل محلة سكنية .وبمقارنة هذا الكشف
بالمصادر القديمة ، استطاع أن يربط بين هذا الموقع وبين مدينة مينوتيس وبتحديد
موقع مينوتيس أمكنه تحديد موقع هيراكليوم على الخريطة التي نشرها عام 1934.
وبعد مرور فترة طويلة خلت من الاكتشافات
الهامة ، بدأ فى الستينيات من هذا القرن عهد جديد من البحث مع كامل أبو السعادات
ذلك الغواص الذي تصادف أن زار أهم المواقع بالإسكندرية في الميناء الشرقي وخليج
أبي قير، فقد لاحظ في عام 1961 وجود أطلال حجرية ترقد عند سفح قلعة قايتباى ،
وكذلك في السلسلة إلى الشرق من رأس لوخياس القديم.
وفى يونيو من العام التالي، قام بمساعدة البحرية المصرية بانتشال تمثال ضخم
من الجرانيت الأحمر لرجل بالحجم الطبيعى كان يرقد بجوار رأس السلسلة ، ويرجع إلى
العصر الهلينستى ، وبعد مضى خمسة أشهر ، رفع نفس الفريق التمثال المعروف بإيزيس
فاريا من المياه بجوار قلعة قايتباى، وهو أيضا من الجرانيت الأسود ، ويبلغ طوله
7متر، وربما كان يمثل زوجا مع التمثال الضخم الذى اكتشف فى نفس المكان بعد ثلاثة و
ثلاثين عاما .
أستأنف أبو السعادات مره أخرى مواصلة
استكشافاته ، ومن ثم قام برسم الخرائط
التالية للمواقع التي اكتشفها و سلمها إلى المتحف اليوناني الروماني .
وقد تضمنت الأولى ثلاثة مواقع :
[1] الموقع عند سفح قلعة قايتباى ( فاروس) .
[2]
الميناء الشرقي ( جزيرة أنتيرودس وميناء صغير وأرصفة بحرية عديدة ).
[3]
السلسلة والشاطبى ،حيث عثر بالقرب من الشاطئ على إنشاءات قديمة مغطــاة بالرمال و
أساطين جرانيتية وتوابيت حجرية على شكل آدمي وعملات .
وكانت الخريطة الثانية لخليج
أبوقير، حيث حدد عليها مواقع حطام عدد من
سفن أسطول نابليون بالإضافة إلى مدينتى عمر طوسون .
و قد تابع أبو السعادات نشاطه خلال السبعينيات
وحتى الثمانينيات حيث لاحظ فى المعمورة – شرق الإسكندرية حوالي خمسة كيلومترات غرب
أبى قير – وجود- ما اعتقد أنه- حاجز بحري طوله 250 متر
والعديد من المرساوات الحجرية، كما اكتشف عدة أرصفة بحرية حول جزيرة نلسون بأبى
قير طولها 300 متر ، وتمتد فى كل الاتجاهات.
كما قام أبو السعادات أثناء حياته بدور
المرشد الخبير لعدد من البعثات التى عملت في مجال الكشف عن المواقع الأثرية المغمورة بالإسكندرية ، وخاصة Honor Frost رئيس بعثة اليونسكو إلى موقع قلعة قايتباى
في عام 1968.
في عام 1983 استطاع Jacques
Dumas والبحرية الفرنسية بالتعاون مع البحرية
المصرية والغواصين وبإشراف هيئة الآثار المصرية E.A.O.
اكتشاف سفينة القيادة بأسطول نابليون L’Orient راقدة على عمق 11متر على بعد ثمانية كيلو
مترات من شاطئ خليج أبى قير ، وخلال ثلاثة
مواسم من عام 1983 إلى عام 1984 تم اكتشاف
ثلاثة قطع أخرى من حطام السفن ( ربما تكون LeGuerrier, L'Artimise, La Serieuse,
) لكن مع الأسف فقد اختفت وثائق
Dumas بعد
موته في المغرب عام 1985، إلا أن موقع السفن ما يزال معروفا ، و في عام 1986 أجريت
حفائر على السفينة Le Patriote ، و
كانت تقع على عمق أربعة أمتار في أقصى غرب شعب الفارة الصغير ، قرب العجمى إلى
الغرب من الإسكندرية.
هذا وقد تم انتشال بعض العناصر من
الموقع متمثلة في : مدافع حديدية
وطلقاتها وبنادق وطبنجات ، وأخشاب من L’ORIENT
، وبعض من تسليحها ، بالإضافة إلى ماسك الدفة
و عناصر من أزياء طاقم السفينة ( أزرار، حلقات أحزمة ، أحذية ) ، فضلاً عن أدوات
الحياة اليومية ( أدوات مائدة ، أطباق من الفخار، زجاجات نبيذ قوارير عطور من
الزجاج ) وكذلك عملات من الذهب والفضة والبرونز ، و أيضا مجموعات من حروف الطباعة
الخاصة بماكينات الطباعة .
لقد شهد مجال الآثار الغارقة فى مصر
خلال السنوات الخمس الأخيرة أنشطة عديدة وعظيمة، نتج عنها اكتشافات هامة، وقد أدت
هذه الاكتشافات إلى ظهورعدة آراء علمية خاصة بالمواقع التي تم الكشف عنها .
ويمكن إيجاز تلك الاكتشافات فيمايلى :-
1- موقع
قايتباى :-
أعاد مركز الدراسات السكندرية بالتعاون مع إدارة الآثار الغارقة بالإسكندرية
اكتشاف الموقع المغمور إلى الشرق من قلعة قايتباى، حيث تم توقيع أكثر من2500
قطعة تضم تماثيل آدمية و تماثيل لأبى
الهول وأساطين مختلفة الأشكال وتيجان
وقواعد وأجزاء من مسلات ، وهذه
القطع من أحجار مختلفة كالجرانيت و الكالسيت والكوارتزيت و الحجر الجيري والحجر
الرملي والجريويكة ، وأوزانها أيضا مختلفة ( فبعضها يصل وزنه إلى 75 طن ).
ورغم أن الموقع يضم لقي من العصر الفرعوني ، إلا أنه يؤرخ بالعصر اليونانى الرومانى .
وقد
قام نفس المركز بعمل مسح لحطام السفن إلى الشمال من قلعة قايتباى ، حيث تم تحديد
ثلاثة مواقع من حطام السفن فى هذه المنطقة عند مدخل الميناء القديم للإسكندرية، لم
يتبق منها أية أجزاء خشبية ، ولكن عثر على
أوانى فخارية وأدوات الحياة اليومية ومرساوات معدنية وحجرية . وتعود هذه
اللقي إلى فترة تمتد من القرن الثالث ق.م
حتى القرن السابع الميلادى .
2-
الميناء الشرقى للإسكندرية :-
قام
المعهد الأوروبي للآثار تحت الماء (IEASM ) بعمل مسح طبوغرافى وحفائر أثرية بالميناء
الشرقي بالإسكندرية وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، وبعد خمس سنوات من المسح والحفائرتم التوصل
إلى النتائج الآتية :
1-
تحديد و رسم خط الساحل القديم، والصخور
الغارقة، وجزيرة أنتيرودس، والألسنة البحرية التى تبرز من الساحل القديم
إلى البحر ، والأرصفة الصناعية بدقة كبيرة.
2- تحديد مواقع أطلال مبانى على شبه جزيرة
التيمونيوم وجزيرة أنتيرودس.
3-
اكتشاف وتسجيل ما يزيد عن ألف من القطع
الأثرية المختلفة تشمل أساطين وقواعد أساطين وتماثيل لأبى الهول وتماثيل آدمية وأجزاء من مسلات وأواني
فخارية.
4-العثور
علي حطام سفينة رومانية تبرز من الرواسب
في قاع الميناء قرب جزيرة أنتيرودس .
كما عثر في موقع السفينة الغارقة على عدد من
اللقى الأثرية كالأواني الفخارية والزجاج والعملات ، ولعل أهم تلك اللقى خاتمان من
الذهب _ يحمل أحدهما نقشاً غائراً _ كانا
يرقدان على الألواح الخارجية بين اثنين من
ضلوع السفينةوفي عام 1998، و بناءا علي طلب بييير كاردان التصريح ببناء
فنار في الميناء الشرقي بالإسكندرية ،فقد قامت الإدارة بعمل مسح أثري استغرق خمسة
عشر يوما للمنطقة المخصصة للمشروع و ما حولها بمساحة حوالي 240 ×240 متر . حيث قام
فريق العمل من مفتشى الإدارة بإجراء ثمانية مجسات استكشافية و توقيع نقاط باستخدام
جهاز GPS)
) .
و بعد مقارنة تلك النتائج بخرائط كامل
أبو السعدات وجدوا أنفسهم فوق أرصفة بحرية لميناء صغير . ويحتاج هذا الموقع لمزيد
من الوقت و التمويل المادي خاصة مع الأخذ في الاعتبار مستوي التلوث و الإرسابات
الرملية فوق تلك الأطلال .
3 - الساحل الشرقي للإسكندرية :-
في عام 1997 ، قامت الإدارة العامة
للآثار الغارقة بعمل مسح أثرى استمر حوالي
خمسة عشر يوما عند رأس السلسلة، وهو الموقع الذى كانت تقوم عليه مجموعة القصور
البطلمية ، والذى داهمه خطر إلقاء هيئة حماية الشواطئ لكتل حديثة من الخرسانة به .
وقد لاحظ مفتشو الإدارة وجود أساطين
جرانيتية ، وتابوتين على شكل آدمى وذلك في
منطقة امتدادها 30×400متراً ،كما لاحظوا اختفاء ماذكر أبو السعادات أنه شاهده وذلك
أسفل الإرسابات الرملية .
بدأ المعهد الهلينى للحفاظ على التراث
البحري بأثينا ، بالتعاون مع إدارة الآثار الغارقة عمل مسح أثرى على الشريط
الساحلي ، و الذي يمتد مسافة ثلاثة كيلومترات من كازينو الشاطبى حتى منطقة سيدى
جابر وقد أظهر المسح عدد هام من القطوع الصناعية فى الحجر الصخرى فى العديد من
النقاط على الشاطئ أمام الإبراهيمية
وسيؤدى المزيد من العمل إلى فهم وتفسير هذه القطوع الصخرية.
كما عثر على كشف آخر عبارة عن مجموعة من
الأوزان الحجرية على منطقة صخرية تبعد 600متر عن ساحل الإبراهيمية ، معظمها مربع
ومسطح بثقب واحد أو اثنين أو ثلاثة لتثبيت الحبل والمخالب الخشبية . وقاع البحر فى
هذا الموقع مغطى بالشقف الفخارى وخاصة أعناق وأجزاء الأوانى. وتخضع كل هذه اللقى
الأثرية حاليا للدراسة .
4-المعمـــورة
:-
أسفرت أعمال المسح الأثري التحتمائي في
مياه خليج أكتوبر 1999 عن العثور علي ثلاثة مواقع أثرية تحتمائية هي موقع امفورات
، أخشاب ، أرصفة .
وقد شهد نوفمبر 99 دراسات متعمقة وتسجلية في هذه المواقع ،
أسفرت هذه الدراسات عن حصر لعدد الامفورات
، حيث عثر علي ما يزيد عن مائة أمفورة ، الغالبية منها من طراز كابتان 2 أما
البقية فهي من طرز معاصرة له . ونتيجة للتيارات البحرية ، فأنه من الواضح أن هذه
الامفورات قد تجمعت علي سلسلة الصخور
الموازية للساحل .
كذلك عثر علي مجموعتين من المرساوات
الحجرية علي شكل شبه منحرف يحتوي كل مرساة منها علي فتحة واحدة ، تتـــراوح اوزان
هذه المرساوات ما بيــــــن ( 180 – 230 كجم
) تتكون المجموعة الاولي من أربعة مرساوات ، وعلي مبعدة 150 م إلي الشرق في
مواجهة السلسلة الصخرية ، تقع المجموعة الثانية التي تتكون من خمسة مرساوات .
من كل ماسبق ونظرا لوجود هذه المواقع
الثلاثة بالإضافة إلي ما تحتويه من لقي أثرية فإن
التفسير المبديء يؤكد أن المنطقة شهدت أنشطة بحرية علي نطاق واسع .
مازال العمل جاريا فى هذا الموقع في الوقت
الحالي ويقوم به أثريون مصريون.
5-أبــوقيــر
:-
في عام 1998 ، بدأ المعهد الأوربي
للآثار الغارقةIEASM بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار بعمل حفائر مركزة على سفينة القيادة L’ORIENT
، و ذلك بعد عمل مسح جيوفيزيائى في عامي 1996، 1997 .
وقد أظهرت الحفائر عدداً ضخماً من القطع
الأثرية التي تصور الحياة الخاصة بالبحارة والجنود والضباط على ظهر السفينة فى ذلك
الوقت.
كما
عثر على عدد كبير من العملات الذهبية من مالطا وأسبانيا والبرتغال وفرنسا ومصر
واسطنبول والنمسا ، وكان آخر الاكتشافات من ذلك الأسطول الغارق- بعد مرور مائتي
عام من فقده - هو مدفــع برونـزي من السفينة Serieuse La التى تقع على بعد 2كيلومتر جنوب سفينة
القيادة L’ORIENT
.
أسفرت أعمال المسح الأثري والحفائر
التحتمائية في خليج أبي قير وخاصة في موقع مدينتي " مينوتس وهيراكليوم
" الغارقتين عن العثور علي بقايا
العديد من الأبنية القديمة أهمها معبد إيزيس ، بالإضافة إلي بعض العناصر المعمارية والمنحوتات التي تحمل
العديد من النقوش الهيروغليفية كما عثر علي عملات ذهبية وحلي ترجع إلي العصر
البيزنطي وبدايات العصر الإسلامي.
وقد أجريت دراسات متعمقة لقاع البحر
لكشف أسباب غرق هذه المدن بالإضافة إلي عدة محاولات لكشف الأمتداد القديم الفرع الكانوبي للنيل
الذي كان يمر إلي الشرق من هيراقليوم .
6-البحر
الأحمر :-
في عام 1994 بدأ معهد الآثار البحرية -Egypt
INA
عمل مسح أثرى في البحر الأحمر مما أدى إلى اكتشاف حطام سفينة جزيرة سعدانه ، والتى
يبلغ طولها خمسون مترا ، ويرجع تاريخها إلى القرن السابع عشر.
يعتمد بناء هذه السفينة على استعمال
الألواح الخشبية الضخمة المقواة بنموذج منتظم RegularPattern
من دعامات الزوايا الحاملة المنتصبة Standing knees ، و قد تميز الخط المركزى بوجود تجمعات من
هذه الزوايا.
وقد أسفرت الحفائر التى أجريت فى أعوام
1995، 1996، 1998 عن الكشف عن عدة آلاف من قطع البورسلين ، إما كاملة أو مكسورة ، كما عثر على أكثر من عشرة غليونات فخارية ،
وأطباق عميقة من طرز مختلفة، بالإضافة إلى صينيتان كبيرتان لتقديم الطعام ،
ومصفاة، وصوانى الطهى والتي نقش علي إحداها اسم قائد السفينة (موسىمحمد) كما عثر على حوالي ستين ثمرة من جوز الهند،
وكذلك حبوب القهوة ،وغير ذلك من اللقى الأثرية .
وقد تم نقل معظم هذه اللقى إلى معمل الإسكندرية
لترميم الآثار الغارقة .
7-الساحل
الشمالي الغربي :
ذكرت العديد من المصادر الكلاسيكية أن
الساحل الشمالى الغربى كان غنيا بالمواقع الأثرية والموانى . وقدم كتاب Stadiasmus
of Great Sea في
القرن الرابع وصفا مفصلا للساحل الشمالى من الإسكندرية إلى السلوم .حيث أشار إلى
تسعة وعشرين موقعاً منها أربعة عشرة عبارة
عن موانى .
ونظرا لأهمية تلك المنطقة قام معهد
الآثار البحريةINA-Egypt بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار بعمل مسح
أثرى من منطقة تنَوم إلى رأس حوالة شرق مرسى مطروح فى عامى 1995و1998
وقد أظهر المسح وجود خمسة مواقع تحتوى
على مرساوات حجرية ومعدنية، وجرار فخارية ترجع إلى العصريين اليوناني و الروماني
(مــن القرن الثانى ق.م إلى القرن الثالث م ).
ويعد هذا العمل خطوة أولى فى مشروع
إعداد خريطة للمواقع الأثرية على طول الساحل الشمالى الغربى لمصر.
وأخيراً فهذا العرض السريع للأنشطة
الأثرية فى بحار مصر خلال هذا القرن يوضح أن هذا العلم قد تطور من محاولات فردية
إلى جهود علمية منظمة ،كما يثبت أيضا أن بحار مصر - خاصة الإسكندرية- غنية
بالبقايا الأثرية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق