منطقة كوم
الدكة الأثرية
(المسرح
الرومانى – فيلا الطيور)
تعتبر منطقة كوم الدكة الأثرية الهامة مركز الحياة العامة بالأسكندرية
قديماً وتبلغ مساحتها حوالى أربعة عشر فداناً ، وهى تقع بالطرف الغربى من تل كوم
الدكة الهائل الذى يمتد للغرب مباشرة من حدائق الشلالات واستاد الإسكندرية الحالى
تقريباً وحتى شارع النبى دانيال تقريباً ، وعلى الارجح انه فوق مركز هذا التل كان
يوجد معبد الإله بأن إله الحدائق والقطعان والمروج ، والذى كان يطل من أعلى على
منظر رائع للمدينة طبقاً لما ذكره المؤرخ الجغرافى أسترابون .
وقد كانت المنطقة الأثرية الحالية فى الأصل عبارة عن تل ترابى أقامه
نابليون خلال حملته الفرنسية على مصر 1798 لإقامه مدافعه فوقه للسيطرة على المدينة
.
وقد ظل هذا التل قائماً منذ ذلك التاريخ ، وحتى عام 1952 حينما تقرر ازالته
ودمجه ضمن التخطيط الحديث للمدينة وفى عام 1960 بدأت البعثة البولندية تحت أشراف
المتحف اليونانى التنفيذ بالجانب الشمالى – الشرقى من التل ، حيث عثرت على أضخم
حمامات عثر عليها بمصر للأن وترجع للفترة من القرن الثانى الميلادى ، وحتى السادس
تقريباً ، وهى مشيدة بقوالب الطوب الأحمر المصنوع من طمى النيل الخصب ، وكتل
الأحجار الجيرية، ورخام أسيا الصغرى ، وجرانيت أسوان الوردى ، وقد تعرضت هذة
الحمامات فى القدم لأعمال التخريب وفى العصر الحديث تعرضت للتدمير نتيجة لأنفجار
مخزن ذخيرة كان يوجد بمنطقة الحمامات فى عصر أسرة محمد على ، وكما حدث فى
البارثنون باليونان أيضاً من قبل ، والأجزاء الرئيسية التى كشف عنها من هذه
الحمامات هى كل من قاعات الماء البارد Frigidarium
وهى توجد بالجانب الشمالى – الشرقى من الحمامات ، وتتوسطها فسقية من
البازلت الأسود مازالت بقايا موجوده فى مكانها ، وتوجد بهذه القاعة أحواض مكسوة
بأفخم أنواع وتليها قاعة البخار المعروفة بأل Tepidarium والتى
يفصلها عن قاعة الماء البارد باب ضيق للحفاظ على درجة الحرارة بداخل هذة القاعة ،
وبالجدار الغربى لهذة القاعة كوة ، والقاعة من الداخل كانت جدرانها مغطاة بطبقات
من الحجر الابيض والرسوم الملونه ، وكانت أرضياتها عبارة عن بلاطات من الطين
المحروق Tena catter تعلوه دعامات من قوالب الطين
المحروق أيضاً كان يتخللها الهواء الساخن الأتى من حجرة الماء الساخن Caldrium ، والتى يوجد بالجدار الشمالى
لها بقايا حوض للماء الساخن لأستحمام المترددين على الحمام ، ويوجد بالجانب
الجنوبى من الحمام رواق ضخم ذو أعمدة سامته من جرانيت ألوان تعلوه قواعد من الحجر
الجيرى المستديرة ، وتعلوها تيجان فخمة من الرخام بقى بعضها وقد بلطت أرضية الرواق
برخام أسيا الصغرى الفخم ويوجد إلى الشمال من الحمامات رواق أخر اقل حفظا كما يوجد
ألى الجنوب من الحمامات صهريج مياة ضخم كان يزود الحمام بالماء اللازم .
وقد عثر إلى الغرب على أبنية شيدت من كتل الحجر الجيرى وهى خاصة بمبانى
أدارة الحمام وتخزين الوقود .
وقد عثر بين أبنية هذه الحمامات على العديد من العناصر الفنية المحطمه سواء
من بقايا جدران كانت تحمل لوحات مرسومه فى القدم أو عناصر نحتية ، وهى تثبت مدى
فخامة هذه الحمامات كما عثر على العديد من المسارج ، والاوانى الفخارية الخاص
بالقيام بالشراب خلال الأقامة فى هذة الحمامات .
المسرح الرومانى
وفى عام 1964 ، وإلى الجنوب الغربى من هذه الحمامات كشف على أثر للمرة
الاولى من نوعه فى مصر منذ القدم ، وهو مسرح أثرى نحتت درجاته بأكمالها من رخام
أسيا الصغرى الأبيض المائل للون الرمادى، ويتكون من 13 صف من الدرجات الرخامية وقد
نحتت الطبقة الاولى من الدرجات من جرانيت أسوان الوردى ويعلوها مقعد محيز فى
المنتصف ، ولوحظ أن بعض درجات المسرح تحمل مخربشات من كتابات المتفرجين القدامى ،
ويسع المسرح حوالى من 700 – 800 متفرج
ويشغل مساحة قدرها حوالى 4000 متر مربعاً تقريباً ، وقد عثر داخل هذا
المسرح ، وداخل طبقات الرديم عند الكشف عنه ، على أعمدة ساقطة من الطابق العلوى
على المدرجات والأعمدة منحوته من جرانيت اسوان الوردى والرمادى ، وكذا تيجان
بيزنطية تحمل رمز الدولة البيزنطية الصليب داخل أكليل نباتى ، وتشير إلى آخر مراحل
أستخدام المكان ، وقد عثر فى الرديم على بقايا قبة كانت تغطى المسرح ويعتقد أن سقوط هذة الاعمدة والقبة كان نتيجة
لزلزال هائل من تلك الزلازل التى هدمت أبنية المدينة الهامة ومن بينها الفنار .
وقد ثبت ان المسرح قد تعرض نباته
للتطوير فى ثلاث مراحل ، وأنه كان فى الاصل مكونا من 16 صفا من المقاعد
وكانت توجد مقاصير أعلاه ، غير أنه تم من طرفاه من الغرب ، وأنشاء ممران يتخللان
المدرجات بالجانب الغربى لتحركات النظاره ، وكما توجد قاعدتان رخاميتان ضخمتان
بالجانب الغربى (حيث موقع خشبة المسرح ) ويبدو أنها وبقايا المسرح خلال العصر
البيزنطى ، ويلاحظ أن موقع خشبة المسرح يشغله حالياً اعمده من جرانيت اسوان
الرمادى المائل للاخضرار تعلو قواعد عالية ذات زخرفة نباتية بالنحت وأرضيات
فسيفساء بالأبيض والأسود مزخرفة بوحدات مستوحاه من أشكال قشور الأسماك .
وقد بقيت من أرضية الأوركسترا قطع بسيطة من الرخام الأبيض ، وقد صممت هذه
الاوركسترا بحيث تخفض صدى الصوت خلال الاداء الموسيقى والغنائى بها عند نقطة معينة
من الاوركسترا.
وقد أشار المؤرخ الجغرافى استرابو إلى وجود مسرح بالإسكندرية غير أن المسرح
الذى أشار ألية يختلف عن تاريخ هذا المسرح زمنيا حيث أنه قد ثبت أن أقدم أجزاء هذا
المسرح ترجع للقرن الثانى الميلادى أى بعد زمن سترابو بحوالى قرنين من الزمان .
ومن المعروف أنه خلال العصر الرومانى كانت الإسكندرية محفلاً لكل من
الثقافتين اليونانية – واللاتينية على نحو خاص من مسرح ، وفلسفة وآداب وفنون ،
وعقائد ، وقد عثر برمال صعيد مصر على مايشير إلى كل هذه المسرحيات وأقوال الفلاسفة
، والكتابات الدينية كانت شائعة بمصر وبالتالى الإسكندرية .
وقد عثر فى العقود الأخيرة بالجهة الشمالية من هذا المسرح مباشرة على حوالى
20 قاعة للدرس والمحاضرة audit على الأغلب ، وهى متساوية
تقريباً فى الابعاد وتتكون كل قاعة من مقاعد طولية على هيئة درجات بإمتداد جدران
القاعات ونهايتها على هيئة حدوة الحصان حيث كان يجلس الاستاذ أو المحاضر ، ويرجع
تاريخ هذه القاعات إلى القرون من الخامس – للسابع ، وربما يشير وجودها إلى تطور
وظيفة للمسرح لهذا المسرح خلال هذه القرون
بإعتبارة قد أستعمل فى الدرس أيضاً ، وقد لوحظ أن قاعتين من هذه القاعات قد
زوددت كل منها بحوض مياه ، وتوجد نظرية بأن هاتين القاعتين كانتا لتدريس المواد
العلمية كالطب والذى أشتهرت به الاسكندرية وفى جميع الأفتراضات – فإن الكشف عن هذه
القاعات يكشف عن رائعة أثرية معمارية بالاسكندرية تميز المدينة ، وتنافس آثار
العديد من المدن الأخرى التى أشتهرت بها منذ أجيال لتعلقه بمجالات الفكر والمعرفة
والثقافات والعلوم ويوجد على إمتداد المسرح وقاعات المحاضرات شارع طويل كان مبلطا
بكتل الحجر الجيرى ، وكان يوجد على الطرف الغربى منه أروقة ظليلة ترتكز على أعمدة
بالغة الصقل من جرانيت اسوان لحماية المارة من التقلبات الفصلية ، وقد عثر على
معظم هذه الأعمدة وقواعدها ، وكان الشارع يمتد حتى شارع كانوب القديم .
فيلا
الطيور
كذلك عثر عام 1970 بالركن الجنوبى – الشرقى من منطقة كوم الدكة على بقايا
فيلات رومانية فخمة تمثل حياً راقياً قديماً فى المنطقة زالت وبقيت أرضيتها من
الفسيفساء الملون الرائع ، ترجع للقرن الثانى الميلادى حقبة ازدهار الحياة
بالمدينة خلال العصر الرومانى ومن أهم هذه الأرضيات أرضية فيلا أطلق عليها
الأثريون فيلا الطيور لصور الطيور المصورة عليها بالفسيفساء الملونة ، والارضية
محاطة بإطار خارجى مزين بوحدات هندسية ، وبداخله مربعات أبعاد كل منها حوالى
50×50سم يحيط بكل منها زخرفة على هيئة جديلة guilloche ملونه
بالألوان الرمادى والأزرق والأحمر ، وقد بقى من هذه الأرضية سبع مربعات مصور
بداخلها طيور ملونة بالألوان الأزرق والأبيض والاحمر، والبنى الداكن ، ويتوسط هذه
المربعات مايبدو أنه المنظر الرئيسى أو مركز الأرضية وهو مربع مصور بداخله حمامتان
ترتوبان من آبنية أغريقية – رومانية فخمة تعرف بأسم cratere ، وهو مكونة
من مكعبات من الأحجار ملونة باللونين الأبيض والأزرق اشاره إلى أنها آنية من معدن
الفضة ، والطيور المصورة بالمربعات المحيطة بها عبارة عن حمام يطير – طاووس ،
ببغاء ، دجاج فرعونى وتضيف هذه الأرضية على القاعة التى زالت حياة وجمالا وفخامة .
وقد أقيمت على هذه الارضيات فى عصر لاحق مجموعة من المنازل اقل فخامة
وتتميز بالبساطة وقد ثبت ان هذه المنازل كانت تحوى ورشاً وأتيليهات للفنانين
والصناع ، وقد عثر بالفعل بداخلها وحولها على عناصر فنية من بينها تماثيل من
البرونز ،وقطع من الرخام والعظم الحيوانى المنحوت .
كذلك عثر على مجموعة أخرى من المنازل إلى الغرب منها يمثل تخطيطها طراز
العصر الهيلنستى السابق وأصل عماره الاسكندرية خلال هذين العصرين ، وقد عثر بداخله وحولها أيضاً على قطع فنية
ثمينة من بينها رأس من الرخام للإسكندر الاكبر ، وهو يعرف حالياً بمتحف الأثار
بمكتبة الاسكندرية تحت رقم وهو يمثل روح الفن الهيلنستى الذى شاع
فى المدينة ، وكذا شيوع تماثيل الاسكندر الاكبر مؤسس الاسكندرية خلال العصر
الأغريقى ولاتزال أعمال التنقيب تجرى فى هذه المنطقة ، والتى يمكن أعتبارها منطقة
محطة الرمل قديماً خلال العصرين البطلمى
(المطمور أسفل ابنية العصر الرومانى) وكذا العصر الرومانى الذى بقيت أثارة السالف
الإشاره إليها ظاهر وتأمله للبيان مع ملاحظة ان المنطقة قد أعيد أستعمالها خلال
العصور الوسطى الاسلامية حيث عثر بها على العديد من أدوات الحياة اليومية من هذا
العصر وخاصة الفخار الاسكندر والمستورد والمقلد ، وكذا الجبانات الإسلامية ،
وشواهد قبور من الرخام ، لذا فمنطقة كوم الدكة الأثرية هي نافذتنا علي ماضي
المدينة بعصورة القديمة المتراكمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق