الاثنين، 3 سبتمبر 2018


كتاكومب كوم الشقافة
The catacombs of kom el shokafa

يطلق لفظ كتاكومب على جبانة أثرية رومانية رائعة توجد بمنطقة كوم الشقافة
(راقودة القديمة) الى الجنوب الغربى من موقع السيرابيوم، ويطلق هذا اللفظ أصلاً على جبانات روما التى توغل فى الصخر على هيئة شوارع ودهاليز وقاعات للدفن وقد وجدت هذة الجبانه بمنطقة خضعت للكشف الاثرى منذ عام 1892 – غير أنه قد عثر على هذة الجبانة بالصدفة عام 1900 ، عندما عثر  ساق أحد دواب الجر فى فجوة أعلى المقبرة أحدثها قطع الاحجار المستمر أعلاها بمعرفة عمال المحاجر .
 وترجع أهمية هذا الاثر الى اللوحات الجدارية التى توضح العقائد التى سادت بمصر والاسكندرية على نحو خاص خلال هذا العصر وكذا إمتزاج وإختلاط أفكار وفنون مصر واليونان وروما ،وسيادة العقائد والتقاليد المصرية والبدء فى نسيان بعض عناصر التقاليد المصرية وخاصة فيما يتصل بطقوس التحنيط ونسخ الكتابة المصرية على الجدران ويمكن أن تصف هذة الجبانة على النحو التالى :-
نحتت هذة الجبانة بأكملها فى الصخر لعمق ثلاث طوابق ، وهى تحفة فنية أخاذة بالغة الغرابة فقد شكلت آبارها وقاعاتها ودهاليزها وممراتها وكذا زخارف جدرانها بتفريغ الصخر بالمطارق ، والنحت بالازميل ، ومن الواضح أنه كان يوجد طابق رابع للمقبرة يعلو سطح الارض أختفى مع الزمن .
ويرجع تاريخ هذة المقبرة أصلاً الى نهاية القرن الاول الميلادى على ما يبدو. قمة العصر الامبراطورى الرومانى بمصر ، وينبئ زخرفها الاصلى عن أنها مقبرة لأسرة رومانية عاشت بالأسكندرية وتمصرت مع الزمن ، وأعتنقت عقائد مصر القديمة بالاضافة الى الى عقائدها ، غير أنه بمضى الزمن تحولت المقبرة الجبانة عامة وتم التوسع فى نحتها فى أتجاهات ومستويات مختلفة بأعماق الارض وحتى نهاية القرن الرابع الميلادى ولظروف جيولوجية خاصة بأرض الاسكندرية – أرتفع مستوى المياه الجوفية بالمقبرة منذ نهاية العصر الرومانى تقريباً وأدى الى غمر الطابق الثالث منها قريباً.
ويمكن وصف هذة الجبانة  ( شكل رقم       ) على النحو التالى – تبدأ الجبانة بمدخل يوجد  بالجهه الجنوبية من الساحة العلوية للمقبرة يؤدى الى سلم توجد بدايته على مستوى سطح الساحة العلوية للموقع ،ويعد هذا السلم من عجائب المعمار التى كشف عنها من المدينة القديمة ، فقد شيد بأسلوب يؤدى الى تناقص أرتفاع درجاته بدء من أسفل لأعلى مع الميل بأسلوب هندسى فنى يؤدى الى عدم إرهاق الزوار فى الهبوط والصعود من أعماق المقبرة لأعلى .
وكان هذا السلم لإستعمال الزوار من الأحياء ، أما أجساد الموتى فكانت تدلى بأحبال من خلال بئر هائل يدور حوله السلم ، وقد شيد هذا البئر من كتل الحجر الجيرى المهذبة ، وتتخلله نوافذ ذات قمم مدببة وقواعد مائلة سميكة وكان هذا البئر بمثابة منور هائل للضوء ومصدراً للتهوية ، وكان يتم من خلاله إدلاء اجساد الموتى ، ويتم نقلها الى مقابرها بالجبانة من خلال مدخل فى قاع البئر من الجهه الشمالية ، يؤدى الى ممر منحوت فى كتلة الصخر يتخلل أجزاء الجبانة المختلفة .
ويؤدى السلم المذكور الى الطابق الاول من الجبانة حيث يوجد مدخل عال ذو قمة معقودة ، يؤدي إلى ممر صغير (B) توجد على كل من جانبيه كوة منحوتة في الجدار يوجد بها من أسفل مقعد مريح لجلوس الزائرين ، تعلوه ظلة على هيئة صدفة بحرية رائعة الخطوط ، وقد غطيت هذه الكوة في القدم بطبقة من الملاط المائي ما زالت بقاياه موجودة على جدران الكوة . (صورة رقم ) ويؤدي هذا المدخل إلى قاعة (C) rotunda أخاذة المنظر يتوسطها كشك ذو سقف على هيئة قبة مفرغة في الصخر وما تزال آثار الأزميل تشاهد على مسطحاتها .
ويرتكز هذا السقف على ستة أعمدة (دعامات) يصل ما بينهما سور صخري منخفض ، ما عدا العامودين المواجهين للمدخل (حيث يوجد بينهما – الآن – سياج خشبي حديث لحماية الزوار) ويوجد أسفل هذه القبة بئر ضخم مستدير يتخلل كل من جداريه الشمالى والجنوبي مدخل الممر لأجساد الموتى السالف الذكر .
وقد وجد هذا البئر زمن الكشف عن المقبرة مليئاً بالماء وعثر بداخله على تماثيل رؤوس من الرخام ولا يعرف أسباب ذلك وقد نقلت للمتحف اليوناني ومن أهم هذه التماثيل – التماثيل التالية :
رقم 3516 تمثال لرأس الإمبراطورة جوليا لونجينا زوجة الامبراطور الروماني دوميتيان (81-96م)
رقم 3517 تمثال لرأس طفل بدين وخصلات الشعر بادية الغزارة
رقم 3469 تمثال لرأس كاهن الإله سيرابيس وقد بدت على وجهه ملامح الكبر والضجر
و يوجد إلى يسار هذه الردهة قاعة المآدب الجنائزية التريكلنيوم Triclinium والقاعة بأكملها منحوتة في الصخر الأصم ، وتحوي ثلاث أرائك الثلاث تتخللها أربعة أعمدة  لمنع القاعة من الانهيار تحت ثقل الجبل (وما زالت تدعم الجبل بعد مرور حوالي 17 قرناً على إنشائها) ويوجد على الوجه الجانبي لكل من العامودين فجوة مربعة لتثبيت مشاعل في القدم لإضاءة القاعة ، وقد تم تفريغ الجزء الأوسط من سقف القاعة لإزالة الشعور بثقل الصخر الأصم أعلى رؤوس الجالسين .
وكانت توجد مائدة خشبية تتوسط هذه القاعة اختفت مع الزمن وكانت المآدب تقام في هذه القاعة بمعرفة أقارب الموتى في مناسبات مختلفة وأهمها الأيام المقدسة المتصلة بطقوس عبادة الموتى كالأعياد المعروفة بأعياد البنفسج والورود وعيد ميلاد الموتى .
وقد عثر في هذه القاعة عن الكشف عن الجبانة على بقايا آخر المآدب التي أقيمت بها قبل أن تختفي عن الأنظار مع الزمن ، ويتصل بالقاعة المستديرة السالفة (C)  حجرات مختلفة للدفن يوجد بها توابيت وكوات منحوتة في الصخر تم حفرها في عصر متأخر عن عصر المقبرة الأصلية الرئيسية ، وكذا أواني حفظ رمادهم في جراء بعد حرق أجسادهم داخل الكوات وكذا استخدمت هذه الكوات في أغراض الدفن الأخرى .
ويوجد بالجانب الغربي من هذه القاعة سلم يؤدي إلى الطابق الثاني حيث المقبرة الرئيسية والتى تبدأ من أعلى السلم في منظر مشوق ويوجد إلى أحد جوانب هذا السلم منفذ صغير يتصل بسطح الأرض من أعلى لأغراض التهوية وينتهي سقف هذا السلم بزخرفة على هيئة صدفة أخرى رائعة تماثل الصدفتين السابق ذكرها عند الحديث عن محرابي المدخل كما يتفرع هذا السلم عند نهايته حول مبنى صغير يشبه منصة الملقن بالمسرح المستخدمة في عصرنا ، غير أن هذا المبنى عبارة عن قبو ذات سلالم تتجه لأسفل حيث الطابق الثالث – كما أنه يعد نهاية الممر الموجود بقاع البئر الضخم الموجود ببداية المقبرة والسابق الإشارة إليه والمستخدم في نقل أجساد الموتى ، ومن الواضح أنه من أجزاء المقبرة الأصلية الرئيسية .   

الرواق


ينتهي السلم برواق رائع المنظر والتكوين والنسب المعمارية (F ) ( صورة رقم    ) فقد نحتت واجهة هذا الرواق على هيئة عامودين أوسطين يوجد بينهما سلم من درجتين يؤدى للرواق ، وقد زخرت قاعدة كل منها بزخرفة نيلية من خطوط رشيقة مستوحاة من آجام نبات البردي النيلي ويستدق العامود في الإتجاه من أسفل لأعلى لينتهي بتاج ذو زخرفة مركبة من زخرفة التيجان الكورنيثة الإغريقية الرومانية ، وزخرفة مستوحاة من نبات البردي ويعلو كل من هذين العامودين عتب خالي من الزخرف يعلوه إفريز يتوسطه قرص الشمس المجنح (المصري القديم الذي يشاهد على واجهات معابد العصرين البطلمي – الروماني بمصر العليا ألان ) ويقف على كل من جانبيه صقر جاتم ينظر تجاهه ، وهوالإله المصري القديم حورس ، ويعلو هذا الإفريز زخرفة من شريط مسنن يعلوه فرانتون على هيئة قوس يتوسطه زخرفة لقرص الشمس بالنحت البارز .
ويوجد على كل من جانبي هذا الرواق ، وللمرة الأولى فى مقابر الإسكندرية ، تمثالانً من الحجر الجيري كل منهما داخل محراب صغير، ذا واجهة على هيئة الصرح المصري ، والتمثال الذى على اليمين لرجل ويمثل أسلوب نحته خليطاً من فنون النحت المصري والروماني حيث يبدو الرجل واقفاً باستقامته مرتدياً الفرعونية ، ويداه مبسوطتان بامتداد جسده وماداً قدمه اليسرى للإمام ، غير أن ملامح الوجه والشعر قد حفلت بملامح الفن الروماني المألوف وأن كانت تشوبها ملامح الخشونة المصرية .
كذلك يصور التمثال الأيسر – سيدة واقفة ترتدي ثوباً مصرياً وتقف باستقامتها أيضاً ويداها مبسوطتان بامتداد البدن أيضاً وتمد ساقها الأيسر للإمام ، غير أن الرأس قد نحت طبقاً للأسلوب الروماني المألوف بمصر .
ويتوسط الجدار الخلفي للرواق مدخل يؤدى لقاعة الدفن وقد نحت المدخل بأسلوب الزخرفة المصرية التقليدية ، حيث نحت على هيئة الصرح المصري ، ويتوسط واجهه الصرح من أعلى قرص الشمس المجنح (مرة ثانية ) ويعلوه إفريز مزخرف بصنف من الحيات الملكية الفرعونية المقدسة القائمة على ذيولها .
وقد زخرف كل من جانبي الباب بالنحت البارز أيضاً برسمين متماثلين وهما عبارة عن درع مستدير كبير للالهه الإغريقية أثينا (مينرفا لدى الرومان ) يتوسطه وجه ميدوزا تحدق بنظراتها  الرهيبة وطبقاً للاعتقاد الاغريقى – الروماني فأن نظرات هذه الكائنة الأسطورية كانت تتميز بخاصية تحويل الإحياء الى أحجار ، ولذا فهى هنا قد صوبت نظراتها لحماية أجساد الموتى بداخل المقبرة من عبث اللصوص والطفيليون من الناس على امتداد الزمن ، وقد صور أسفل هذا الدرع ثعباناً رهيباً يعرف بالاجاثوس دايمون Agathos Daemon وقد أعتبر هذا الكائن خلال العصر البطلمي الروماني حامياً للإسكندرية ، وقد ألتف الجزء السفلى من جسد الثعبان على هيئة طيات مخيفة ،ويعلو رأسي هذا الثعبان تاج مصر المزدوج بينما تتدلى أسفل فكه لحية صغيرة .
ويبرز من طيات بدن هذا الثعبان صولجانان أحداهما صولجان الإله اليوناني- الروماني هرمس الذي (ميركيور لدى الرومان ) كان يقوم بإرشاد أرواح الموتى في العالم الأخر ، و الأخر صولجان الإله الاغريقى ديونيسوس ( باكوس لدى الرومان ) الذي كان اله العالم الأخر والخمر وتوجد أعمدة جانبية تماثل فى الزخرفة – زخرفة العامودين الأوسطين غير أنها ذات شكل مربع.
ويؤدى المدخل لقاعة الدفن الرئيسية بالجبانة ،وهى قاعة بالغة الغرابة ، فهي صغيرة الحجم ، ذات أسقف على هيئة قبة ويشغل الجانب الأكبر منها ثلاث محاريب كل منها تابوت من أسفل ، ولوحات جداريه منحوتة أعلاه ،ويحيط بكل محراب عامودان ، وتماثل زخرفتها زخرفة العامودان الجانبيان للرواق الخارجي المؤدى للقاعة .
وقد نحت غطاء كل تابوت على شكل مقبى ولم يتم فصله عن حوض التابوت نظراً لرداءة كتلة الحجر الجيرى ولعدم تعرض الغطاء للكسر مع الزمن ، وقد زينت واجهات التوابيت الثلاث على غرار التوابيت الرومانية الرخامية التي ترجع لهذا العصر والمعروفة بتوابيت أحبال الزهور garland . وقد صور على واجهة التابوت الأوسط حبل زهور تتدلى من كل من جانبيه رأس إحداهما رأس لميدوزا Medusa  السالف الإشارة إليها والآخر لسيلينوس Silenus وهو أحد إتباع الإله ديونيسوس Dionysos  إله الخمر والعالم الآخر ، وهو ذو رأس أصلع وأنف أفطس ولحية شعثاء غير أنه قد صور أعلى الجزء الأوسط من الحبل سيدة متكئة على أريكة ، وعلى غير المألوف في التصوير على واجهات هذا النوع من التوابيت ، ويبدو أن هذا المنظر خاص بصاحبة التابوت والموجود تمثالها أمام مدخل ويبدو أنها صاحبة المقبرة الأصلية (صورة رقم   )
ويوجد أعلى هذا التابوت منظراً يعرض بالنحت بالبارز مشهداً للتحنيط في العصر المتأخر – حيث صورة مومياء مسجاة على سرير على هيئة بدون الأسد وقد وقف الإله أنوبيس إله التحنيط المصري القديم يجسد إنسان ووجه الحيوان إبن آوى يباشر تحنيط المومياء حيث يرفع وعاء (ربما به مادة التحنيط) بيده اليسرى ، بينما يلمس المومياء بيده ليمنى ، ويقف إلى اليمين من المنظر الإله حورس في هيئة إنسان برأس صقر يمسك بصولجانه بيده اليمنى ويرفع زهرية بيده اليسرى ، ويظهر على الطرف الآخر من السرير الإله تحوت إله الزمن والحكمة والقمر والحساب مصور بجسد إنسان أيضاً وبرأس الطائر أبي منجل ويرفع بيده اليمنى وعاء ويمسك باليسرى صولجاناً .
وقد ظهرت أسفل سرير المومياء ثلاث أوانى لحفظ الأحشاء بدلا من أربع كالمعتاد في جراء حفظ الأحشاء – وهذه الجرار هي جرة حفظ المعدة تحت حماية الإله دوا – موت – اف ، وجرة حفظ الكبد تحت رعاية الإله إمستي الذي يصور غطاؤها على هيئة رأس إنسان ، وجرة حفظ الأمعاء تحت حماية الإله قبح – سنو – إف وغطاؤها على هيئة رأس صقر ، ولم تصور جرة حفظ الرئة تحت حماية الاله أبى ، وغطاؤها على هيئة رأس قرد ويعتقد بعض العلماء أن الفنان في العصر الروماني قد نسى أوجهل وجود هذه الجرة الرابعة ، وقد صور على الجدار الجانبي الأيمن للكوة كاهناً يقدم للمتوفى الواقف أمامه كأساً وبرعماً لزهرة اللوتس ، ويتوسطهما مذبح ، أما الجدار الجانبي الأيمن فقد صور عليه كاهناً يتلو الكلام المقدس من بردية منشورة بيديه وتقف أمامه المتوفاة يعلو رأسها قرص الشمس إشارة إلى تأليهها بعد الوفاة في العقيدة السائدة خلال هذا العصر ويتوسطهما مذبح .
وما يزال يوجد بسقف المحراب خطوط عريضة حمراء لزخرفة لم تكتمل وكذا أعلى اللوحة الجدارية لمشهد التحنيط السالف ذكره.
ويلاحظ أن زخرفة الأجزاء الرئيسية بكل من المحرابين الجانبين متماثلة تقريباً حيث نحت على واجهه كل تابوت حبل زهور يتوسطه جمجمة ثور ،ويتدلى من كل أجزاؤه عنقود للعنب وقد صور أعلى كل فراغ أعلى الحبل رأس الكائنة المخيفة ميدوزا Medusa .
وقد صور على الجدار أعلى التابوت الأيمن الثور أبيس Apis واقفاً على قاعدة تماثل الصرح المصري ، ويقدم إليه شخص يبدو فى مسوح الفراعنة قلادة كبيرة ، وتقف إلهة خلف الثور أبيس ربما في الآلة أيزيس تبسط جناحيها بالحماية للثور وتمسك بيدها علامة العدالة ، أما الجدار الجانبى الصغير الذي على اليمين فقد صور عليه شخصان أحداهما على هيئة مومياء والأخر ذو رأس كلب ويتوسطهما مذبح ، أما الجدار الأخر المقابل له فقد صور عليه ملك يقدم قرباناً للإله أوزوريس ، أوخونسو اله القمر يمسك بيده صولجاناً ، ويقدم علامة العدالة قرباناً ، ويشاهد الإله خونسو إله القمر يتشح برداء مشدود على أجزاء البدن ، وقد زين بزخرفة من وحدات المعين الهندسية وتتخللها رسوم لنجوم ، ورؤوس بشرية وأزهار تعبير عن خصائص هذا الإله .
وتماثل الزخرفة الموجودة على جدران المحراب الأيسر هذه الزخرفة مع بعض الخلاف، ويلاحظ أن سقف كلا المحرابين ما يزال يشاهد عليه خطوطاً طويلة باللون الأحمر تمهيداً لزخرفة لم تتم بالسقف .
ويلاحظ أنه في نقطة معينة من المقبرة يمكن سماع الصوت أكثر وضوحاً وهى من الأسرار المعمارية لهذه القاعة .
ويوجد على كل من جانبي باب هذه القاعة من الداخل صورة الإله أنوبيس بالنحت البارز فعلى الجانب الأيمن على هيئة عسكري روماني يرتدى النقبة المصرية ويتكئ على رمح مسكه بيده اليسرى ، ويمسك درعاً بيده اليمنى ، وقد صور على الجانب الأيسر على هيئة عسكري روماني يمسك رمحاً بيده اليمنى سيفاً قصيراً أو خنجراً بيده اليسرى ونصفه الأسفل على هيئة طيات بدون أفعوان هائل .ويحيط هذه القاعة من الخارج دهاليز( H ) استخدمت  في عصر متأخر عن عصر المقبرة يدور حولها من ثلاث جهات ويؤدى إلى هذا الدهليز مدخلان على جانبي الرواق الامامى لهذه القاعة وتوجد بالجدران الصخرية لهذا حوالى ثلاثمائة مقبرة منحوتة في الصخر وهى عبارة عن كوات Locule وكانت مغلقة عند الكشف عنها بأبواب حجرية مدوناً عليها كتابات خاصة بأصحاب هذه المقابر ويوجد بالجدار الشرقي لهذا الدهليز ( الذي يتخلله المدخل ) كوة تؤدى إلى التابوت الايمن من قاعة الدفن الرئيسية ، وقد نحتت أرضية الصخرية على هيئة التابوت الانسانى Anthropoid فى مصر القديمة كما يوجد على امتداد هذا الجدرار الجنوبي كوة مستطيلة كان يوضع بها على الأغلب أحدى جرار الدفن رماد الموتى.
ويؤدى هذا الدهليز إلى قاعة(I  ) وهى القاعة  التي حدث بسقفها الفجوة التي عثرت بها قدم حيوان الجر أدت لكشف هذه المقبرة ، ويؤدى هذا الدهليز أيضاً إلى قاعة (J ) وهى معروفة بقاعة Nemessis وهى ألهه الانتقام وحفظ رفات الموتى وحماية الرياضيين حيث كشف بها عام 1942 على أجساد محنطة لسيدتين يعتقد أنها من كاهنات هذه المعبودة ، وقد كشف عن رقائق ذهبية تغطى أغفار جسديهما المختلفة كالعيون وأظافر الايدى والإقدام كذلك كشف بين رفاتهما على خواتم رائعة طعمت بفصوص من العقيق محفور عليها بإتقان مدهش مشاهد لكائنات الأساطير الإغريقية الرومانية بالإسكندرية القديمة من بينها اله حربوقراط Hippocrates ، وليدا Leda  وزيوس Zeus ومارس Mars اله الحرب.
وتعرض هذه الخواتم بالمتحف اليوناني الروماني تحت أرقام P.2154 ،P.2153 ،P.2155 على التوالى غير أن أهم ماعثر علية من الكنوز الذهبية بهذه المقبرة هي قلادة ذهبية تحمل رقم P.2144 بالمتحف ، وهى قلادة تتميز بالدقة فى الصياغة ، والمشبك الخاص بها على هيئة عجلة الإله غسيس ذات الثمانى برامق ، ولم يعثر على مثيل لها إلافى  الجزر البريطانية وتكشف هذه الحلى عن مدى ارتفاع مستوى صناعة الحلي بالإسكندرية خلال هذا العصر مما يثبت صحة المصادر التاريخية بهذا الصدد .   

قاعة كراكلا

تتصل هذه القاعة (.L .) بالمقبرة الرئيسية بواسطة شق فى جدار يتخلل تابوت أحدث قديماً للدخول لهذة القاعة ربما بواسطة اللصوص ، ويعتقد أن هذه القاعة أقدم من أجزاء الجبانة السابق ذكرها ، وتعرف هذه القاعة بقاعة كراكلا نظراً لما عثر بها من رفات أدمية مختلطة برفات خيول لأول مرة فى تاريخ الكشف الاثرى بالاسكندرية فأدى ذلك الى الإعتقاد بأن هذه الرفات هى بقايا المذبحة التى أقامها الامبراطور الرومانى كراكلا Caracalla (211-217 م) عام 215 بإستاد الاسكندرية ( القريب من هذا المكان والذى تعرف عليه حمله نابليون ) وذلك أنتقاماً من سخرية مواطنى المدينة منه .
ويوجد على الجدار أعلى التابوت الذى يتخلل المدخل لقاعة كراكلا وكذا التابوت المقابل ( الذى إختفت رسومه تقريباً الآن ) بقايا مشاهد قديمة مصورة للتحنيط ، وأسفله رسوم بهتت مع الزمن لشخوص الاساطير الاغريقية يتبين منها رسوم الربات الاغريقيات أثينا Athena وأفروديت Aphrodite وهيرا Hera   وخطف برسيفونا وخروجها من هاوية الجحيم ثانية ويعتقد أن لهذا المنظر علاقة  بأسطورة  ديميتر إلهة الزراعة والخصوبة و خطف أله العالم الاخر بلوتون Pluton لبرسيفونا إبنه ألهة الخصوبة والزراعة والقمح .
ويوجد بهذه القاعة العديد من المقابر المنحوته فى الصخر من أهمها أربع محاريب تضم توابيت مزينة بالرسوم وكل محراب يضم تابوت يحيط به من كل جانب عامود مربع وتعلو المحراب واجهة مثلثة(بيدمنت) .
ومن بين هذه المحاريب محراب سجلت رسومه بعثة فون سيلجين الألمانية فى بداية القرن الماضى وذلك قبل أن تتلاشى رسومة وتتحول الى ظلال . فقد غطيت الجدران الصخرية المنحوتة لهذا المحراب بطبقة جص بيضاء تاصعة  وقد زخرفت كل دعامة من أسفل بخطوط متعارضة تحاكى تكعيبة العنب ، ورسم على الجدران أعلى التابوت كل من الالهتين الشقيقتين أيزيس Asis ونفتيس Nephtys متقابلتين باسطتان جناحيهما ، حول مومياء بقى من رسمها خطوط بالغة الضالة ، ويقف خلف كل منها رجل يعلو رأسه قرنان ويمسك بيده صولجاناً أشارة الى أنه ملك أو اله .
ويوجد على كل من الجدارين الجانبين رسماً لشخص جالس على عرش ويعلو هذه الرسوم جميعاً حبلاً للزهور .
وقد صور على السطح الداخلى للدعامة تصويراً للروح ببدن طائر ورأس أنسان ، وبدون لحية ، ويعلو رأسها الحية المقدسة ، كذلك صور على السطح الخارجى للدعامتين الاله حورس – رع اله الشمس المصرى القديم يقف على زهرة اللوتس ضخمة متفتحة ويمسك بيده اليمنى أيضاً زهرة لوتس أيضاً .
وقد صور على ظهر المحراب الهتين توجد بينهما عجلة مجنحة ،كذلك صور على الواجهة العلوية الممثلة للمحراب Pediment رسماً رمزياً لوعاء ينبعث منه لهب ويعلوه قرص الشمس ، وقد صور على كل من يمين الوعاء ويساره الكائن الاسطورى نيمسيس Nemesis على هيئة جريفين Griffin يحيط بقوائمه الامامية بالعجلة ذات الثمانى برامق المميزة للالهة نمسيس ويعتقد أيضاً أن الرفات الادمية المكتشفة بهذا المكان هى رفات لريضيين.
أثرو دفن خيولهم معهم ، ولتظل تحت حماية الالهة نمسيس التى كانت حامية الرياضة أيضاً .
ويوجد لهذه القاعة أيضاً منور هائل منحوت فى الصخر وقد شيد من أعلى ببضع صفوف من الأحجار الجيرية وذلك لتزويد المكان بضوء النهار وللتخلص من دخان إحتراق الأضحية المقدمة للالهة فى المكان قرباناً أعلى مذبح عثر على بقايا بسيطة منه ورمم بناء على  النماذج المعروفة أثرياً لهذا المذبح ، كما يوجد بالقرب منه درج قديم يتجه من أعلى لاسفل ،ومن مستوى أرضية المنور الى الطابق السفلى التالى .
ويوجد بنهاية هذه القاعة ردهه مغلقة الان بباب حديدى حديث نحتت بجدرانها الصخرية الثلاث كوات Loculi للدفن وجدت مغلقة بأبواب حجرية عند الكشف عن الجبانة .

مقبرة تيجران
Tigrane Tomb


تعرض هذه المقبرة بالركن الشمالى – الغربى من الساحة العلوية الداخلية للكتاكومب ، وقد كشف عن هذه المقبرة أيضاً بشارع تيجران ( بورسعيد حالياً )عام 1952 بمنطقة سيدى جابر ، أثناء حفر أساس أحد المنازل بتلك المنطقة ، ولذا أطلق عليها أسم الشارع الذى اكتشفت به .
وقد وجدت هذه المقبرة فى موقعها الاصلى مكونة من سلم منحوت فى الصخر يؤدى الى قاعة ، حفرت بجدرانها كوات Loculi للدفن ، وقد رسمت بعض أجزاؤها ، وتؤدى هذه القاعه الى قاعه ذات ثلاث توابيت منحوت فى الصخر وقد غطيت كافة أجزائها بدء من قائما الباب بالرسوم والمشاهد الهامة الملونة لتاريخ العقائد فى مدينة الاسكندرية ، وقد قام خبراء الاثار من المرممين برفع طبقة الرسوم الحصينة التى كانت تغطى جدران هذه القاعة وأعيد لصقها على جدران قاعة حديثة متشابهة داخل مبنى حديث بموقع الكتاكومب وذلك نظراً لأنها ترجع لعصر هذا الاثر(العصر الرومانى ) فضلاً عن أنه قدتم زخرفة جميع مسطحاتها بالتصوير ، بينما فى كتاكومب كوم الشقافة تم تغطية جدران المقبرة الاصلية القديمة بمشاهد منحوتة فى الجدران الصخرية ويمكن وصف هذة المقبرة على النحو التالى :
تتكون غرفة الدفن من ثلاث توابيت متجاورة والثالث يتوسط القائمة والتابوتان الاخيران تتعامدان عليه وقد صور على قائما المدخل صورتا كل من الثورأبيس ورجل .
ويوجد أعلى التابوت الاوسط المشهد المألوف فى هذا العصر لمومياء أوزويريس مسجاة على سرير ، ولكن هذا السرير رومانى الطراز يعكس صورة للاثاث المنزلى الرومانى المستخدم فى الاسكندرية خلال ذلك العصر، وتتدلى أسفله ملاءة مزخرفة وتقف على كل من جانبى السرير الالهتين أيزيس ، وأختها الالهة نفتيس ناشرنا جناحيهما ، وتمسك كل منها بأحدى يديها سعفة نخيل وهى أخر صورة فى مصر القديمة لريشة العدالة ، وقد صور خلف كل من الاهتين الاله حورس على هيئة صقر جاثم أعلى القاعدة من رخام الالباستر (أو مطلية بألوان تقلد هذا الحجر)
ويعلو رأسه تاج مصر المزدوج .
وقد صور أعلى هذا المشهد حبل زهور رومانى ذو أشرطة تعبث بها الرياح ويعلوه قرص الشمس المجنح .
ويوضح المنظر المصور أعلى التابوت أعلى المحراب الايمن مشهد قيامه أوزويريس وبعثه حياً مرة أخرى ، وتقف الالهة أيزيس مرتدية ثوباً مزين بوحدات زخرفية على هيئة(قشور) وتقدم الى زوجها أوزيريس الذى ينهض ويتجة صوبها ممسكاً بسعف النخيل ريشتا الحق بحجم كبير ، ويقف خلفه أبنهما حورس يمسك بصولجان ، وكذا بيضه كبيره تشبه بيضة الفصح مصورة أعلى قاعدة  على هيئة عامود تشاهد على جانبي المنظر ولا يعرف المغزى من تصويرهما هنا ، وكذا كل من قرص الشمس المجنح وقد صور على الجدران الجانبية حورس على هيئة طائر يعلو رأسه تاج مصر المزدوج وكذا صور لأباء الهول وتعابين الكوبرا
وقد صور بالمحراب الأيسر أعلى التابوت مشهداً للاله أوزيريس فى قيامته من بين الموتى متوهجاً بهاله التأله من خلال أسمال بالية لأربطة موميائه . ممسكاً بسعفتا نخيل تتجهان للجانبين ، وقد بدت الهاله المحيطة رأسه كقرنان من تدهور المستوى الفنى فى أسلوب رسمهما . ويقف على يمينه الاله الابن حورس يمد زراعاه وتبدوان مجنحتان تقليداً لجناحا أمه أيزيس الواقفه الى اليسار.
 ويقف تحت قدما أوزيريس حيوانان رمز اله التحنيط يتطلعان للاله .
 وقد صورت على كل من جانبى المشهد بيضة الفصح أيضاً بنفس الصورة السابق تصويرهما عليها وقد صور أعلى سقف قاعة الدفن المقبى مشهداً زخرفياً ثرياً بعناصر الزخرفة البنائية حيث صورت غابة من أغصان وأوراق نباتية مورقة يتوسطهما وجه الالهة ميدوزا بنظرتها الرهيبة ترمق لزوار من أعلى  السقف هنا ، كذلك صورت نسور وفهود تطارد غزلان  فى قفزات رشيقة .
ويصور هذا المشهد روح الفن السكندرى الذى تطور فى المدينة خلال عصر المقبرة، كما تعرض مشاهد القاعة المختلفة صورة حقيقية عن مدى التفاعل عقائد كل من مصر واليونان وروما والروح العقائدى السائد فى المدينة خلال عصر هذه المقبرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق